الأربعاء، 20 أغسطس 2008

مكايد البلاط

لم يكن أبو أيوب المورياني كاتب أبي جعفر المنصور ومتولي ديوان خراجه يأمن ناحية خالد بن برمك -المتوفى سنة 175 عن 75 سنة - وأن يرده أبو جعفر إلى كتابته وديوان الخراج، فكان يحتال عليه، وكان مما احتال به أن دس إلى بعض الجهابذة مالاً عظيماً وقال له: إذا سألك أمير المؤمنين على هذا المال فقل له إنه استودعينه خالد بن برمك، ثم دس من رفع إلى أبي جعفر في ذلك، فدعا أبو جعفر بالنصراني فسأله فقال: نعم عندي مالٌ لخالد بن برمك استودعنيه.

فبعث أبو جعفر إلى خالد فأحضره وسأله عن ذلك المال، فحلف أنه لم يجمع مالاً قط ولا ادخره، ولا رأى النصراني قط ولا عرفه، ثم قال: يا أمير المؤمنين ترسل إلى الجهبذ، وأكون في موضعي حيث يراني، فإن عرفني فقد صدق علي، وإن لم يعرفني فقد أظهر الله براءتي.

فبعث أبو جعفر إلى النصراني فقال: أصْـدِق أميرَ المؤمنين عن هذا المال، قال: يا أمير المؤمنين المال لخالد، وما قلتُ إلا حقاً، قال: أفتعرفُ خالداً إن رأيـتَه؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين أعرُفه إن رأيتُه، فالتفت أبو جعفر إلى خالد فقال: قد أظهر الله براءتك، وهذا مالٌ أصبناه بسببك، ثم قال للنصراني: هذا الجالس خالد فكيف لم تعرفه؟ قال: الأمان يا أمير المؤمنين، فأمنه فأخبره بالقصة، فأمره أبو جعفر بحمل المال إلى بيت المال، وكان بعد ذلك لا يقبل في خالد قولاً من أحد وازداد به ثقة وتقديماً.

ليست هناك تعليقات:

 
log analyzer