الاثنين، 11 أغسطس 2008

قد رضي بك المسلمون

كان عليُّ بن داود بن عبد الله أبو الحسن الداراني المقرئ القطان المتوفى سنة 402 يؤم أهل داريا، ثم مات إمام الجامع الأموي بدمشق فخرج أهل دمشق إلى دارَيّا ليأتوا به للصلاة بالناس في جامع دمشق، فمنعهم أهل داريا من ذلك، وجرى بينهم كلام فيه جفاء، وحملوا السلاح، وكان فيمن خرج من أهل دمشق القاضي أبو عبد الله بن النصيبي الحسيني، فقال: يا أهل داريّا أما ترضون أن يُسمع في البلاد أن أهل دمشق احتاجوا إلى إمام أهل داريا يصلي بهم؟ فقالوا: إنا رضينا، وألقوا السلاح، فقُدِمت له بغلةُ القاضي ليركبها فلم يفعل وركب حمارة كانت له، فلما ركب التفت إلى ابن النصيبي فقال: أيها القاضي الشريف، مثلي يصلحُ أن يكون إمام الجامع؟ وأنا علي بن داود كان أبي نصرانيا فأسلم وليس لي جَدٌ في الإسلام؟ فقال له القاضي: قد رضي بك المسلمون.

فدخل معهم وسكن في أحد بيوت المنارة الشرقية، وكان يصلي بالناس ويقرئهم في شرقي الرواق الأوسط من الجامع، ولا يأخذ على صلاته أجرا ولا يقبل ممن يقرأ عليه براً، ويقتات من غلة أرض له بداريا، ويحمل من الحنطة ما يكفيه من الجمعة إلى الجمعة، ويخرج بنفسه إلى طاحونة خارج باب السلامة فيطحنه ويعجنه ويخبزه ويقتاته طول الأسبوع.

وكان يقرأ عليه رجل مبخل له أولاد كانوا يشتهون عليه القطايف مدة وهو يمطلهم، فألقي في روع أبي الحسن بن داود أمرُهم، فسأله أن يتخذ له قطايف، فبادر الرجل إلى ذلك لأن أبا الحسن لم يكن له عادة بطلب شئ ممن يقرأ عليه ولا بقبوله، واشترى سكراً ولوزاً واتخذها في إناء واسع، ثم أكل منها فوجد لوزها مراً، فمنعه بخله من عمل غيرها، وحملها إلى ابن داود متغافلاً، فأكل منها واحدة ثم قال له: احملها إلى صبيانك، فجاء بها إلى بيته فوجدها حلوة فأطعمها أولاده.

ليست هناك تعليقات:

 
log analyzer