وكان صلاح الدين رحمه الله كثير التواضع، قريبا من الناس، كثير الاحتمال، شديد المداراة، محباً للفقهاء وأهل الدين والخير محسناً إليهم، مائلاً إلى الفضائل، يستحسن الشعر الجيد ويردده في مجلسه، ومَدَحه كثير من الشعراء، وانتجعوه من البلدان.
وكان شديد التمسك بالشريعة، سمع الحديث من أبي الحسن علي بن إبراهيم بن المسلم بن بنت أبي سعد، وأبي محمد بن بري النحوي، وأبي الفتح محمود بن أحمد الصابوني، وأبي الطاهر السِلَفي، وابن عوف، وجماعة غيرهم.
وكان كريماً: أطلق من الخيل بمرج عكا لمن معه اثني عشر ألف رأس ، سوى أثمان الخيل التي أصيبت في الجهاد، و لم يكن له فرس يركبه إلا وهو موهوب أو موعود به ، وصاحبه ملازم في طلبه.
وكان ورعاً: رأى يوماً العماد الكاتب يكتب من دُواة محلاة بالفضة فأنكرها، وقال هذا حرام، فلم يعد يكتب منها عنده. وكان لا يصلى إلا في جماعة، وله إمام راتب ملازم، وكان يصلي قبيل الصبح ركعات إذا استيقظ، وكان يسوي في المحاكمة بين أكبر الناس وبين خصمه.
وكان شجاعا في الحروب، يمر في الصفوف وليس معه سوى صبي. وقرىء عليه جزء من الحديث بين الصفين، وهو على ظهر فرسه، وكان ذاكراً لوقائع العرب وعجائب الدنيا، ومجلسه طاهر من المعايب، رحمه الله وغفر له .
ولما مات جلس الأفضل للعزاء، وكثر بكاء الناس عليه، وغسّله الفقيه خطيب دمشق، أخرج بعد صلاة الظهر، وصلى الناس عليه أرسالا – أي أفواجاً - ودفن بداره التي مرض فيها بالقلعة، ثم نقل في يوم عاشوراء سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة إلى تربة بنيت له بجوار جامع بني أمية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق