الثلاثاء، 22 أبريل 2008

تغلب على الفالج

علي بن أحمد بن الأثير الحلبـي الأصل المصري، ولد فى حدود الثمانين وستمائة، وتعانى الخِدَمَ الديوانية، وباشر الديوان، وكتب الإنشاء، كان كاتب سر السلطان الناصر محمد بن قلاوون في القاهرة، وبلغ عنده ما لم يبلغه غيره حتى كان يأمره أن يكتب إلى نواب الشام بأشياء يأمرهم بها عن نفسه، فعظم قدره جدا.

وباشر الوظيفة مباشرة جيدة، وكان يركب فى ستة عشر مملوكا من الأتراك، وكانوا يقومون بالديوان سماطين - أي صفين - ولا يتكلم مع أحد منهم إلا بالتركية وهم يترجمون عنه للناس، وكان يكتب خطاً قوياً منسوباً، وله اقتدار على إصلاح اللفظة وإبرازها من صورة إلى صورة، وما كان يخرج من الديوان كتاب حتى يتأمله، ولا بد أن يزيد فيه شيئا.

و
لم يزل في سعادته إلى أن حصل له مبادئ فالج، ثم تزايد به وظهر ذلك للسلطان، فصبر عليه إلى أن أراد يوما أن يقوم من بين يديه فسقطت الدواة من يده، فتألم له السلطان وأعفاه من الوظيفة، وعالجه الأطباء فلم ينجع بل تزايد إلى أن صار لا يتحرك منه شىء أصلاً إلا جفونه، فكان إذا أراد شيئاً قرأ له خادمه حروف المعجم، فإذا مر بحرف هو أول الكلمة أطبق جفنه، ثم يعود الى أن يتحصل له كلمة بعد كلمة فيعرف منها مراده، ولم يطل ذلك بل مات فى منتصف المحرم سنة ثلاثين وسبعمائة رحمه الله تعالى.

ليست هناك تعليقات:

 
log analyzer