الجمعة، 1 أغسطس 2014

حدث في الخامس من شوال

في الخامس من شوال سنة 209 توفي في الكوفة، عن 92 عاماً، أبو يوسف الطَنَافِسِي الكوفي، يعلى بن عبيد ابن أبي أمية الإيادي، المحدث الحافظ الثقة.
ولد لأسرة من المحدثين، فوالده أبو الفضل عبيد بن أبي أمية الطنافسي محدث ثقة، روى عن أبي بردة وأبي بكر ابني أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وعن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي والشعبي وغيرهم، وأورد له البخاري حديثاً في الأدب المفرد، وروى عنه سفيان الثوري.
وإخوته محمد وعمر وإدريس كلهم من المحدثين الثقات، قال أبو بكر الأثرم: سألت الإمام أحمد بن حنبل عن عمر بن عبيد، ومحمد بن عبيد، ويعلى بن عبيد، فوثقهم. وكذلك سئل الإمام يحيى بن مَعين عن ولد عبيد الطنافسي: عمر، ومحمد، ويعلى، فقال: كانوا ثقات، وأثبتُهم يعلى بن عبيد.
من مشايخه في الحديث الأعمش سليمان بن مهران الكوفي المتوفى سنة 148 عن 87 عاماً وكان رأسا في العلم النافع والعمل الصالح، وسفيان بن سعيد الثوري إمام المؤمنين في الحديث المتوفى سنة 161 عن 64 عاماً، ومِسْعَر بن كِدام المتوفى سنة152 وكان يقال له المصحف لعظم الثقة بما يرويه، ومحمد بن إسحاق صاحب السيرة النبوية المتوفى سنة 151.
واتسم أبو يوسف الطنافسي بالحفظ والضبط لما يرويه من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال سعيد بن أيوب البخاري: كان يعلى بن عبيد يحفظ عامة حديثه، أو جميع ما عنده، وما رأيت أحفظ من وكيع.
وكان رحمه الله يتسم بالرزانة والوقار مع لين ومحبة لمن يجالسه ويتردد إليه، قال أبو مسعود الرازي، أحمد بن الفرات المتوفى سنة 258: كان يعلى ومحمد ابنا عبيد من أهل بيت بركة، ما رأيت يعلى ضاحكا قط، وكان مجلسهما في مسجد واحد والناس يذهبون إلى هذا والى هذا. قيل له: فمجلس من كان أكثر ؟ قال: مجلس يعلى، وكان أحسنَ خُلُقا.
وكان مخلصاً في طلبه العلم وروايته الحديث يبتغي وجه الله، لا يريد مالاً ولا جاهاً، شهد له بذلك كبار الأئمة من المحدثين، فقال الإمام يحيى بن مَعين المتوفى سنة 233 عن 75 عاماً: ما رأيت من يُـحدِّثُ لله إلا ثلاثة: يعلى بن عبيد، وعبد الله بن مسلمة القَعْنبي، وأحمد بن حنبل. وقال الحافظ أحمد بن عبد الله بن يونس المتوفى سنة 227 عن 95 عاماً: ما رأيتُ أفضل من يعلى بن عبيد، وما رأيت أحدا يريدُ بعلمه الله إلا يعلى بن عبيد رحمه الله.
وعلى جلالة هذا الإمام وصلاحه لا تذكر لنا المصادر كثيراً عن حياته ومواقفه، والقليل الذي وصلنا يظهر لنا أنه رحمه الله كان آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، متفرغاً لعلمه وعبادته، قليل الكلام قليل الفضول، ذكر رحمه الله لبعض من يجلسون إليه فقال: دخلنا على محمد بن سوقة، الإمام العابد أبي بكر الغنوي المتوفى سنة نيف وأربعين ومائة، فقال: يا ابن أخي، ألا أحدثكم بحديث لعله أن ينفعكم، فإنه نفعني.
قال لي عطاء بن أبي رباح: يا ابن أخي إنَّ من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام، وكانوا يَعدون فضول الكلام إثما، ما عدا كتاب الله أن يُقرأ، وأمرٍاً بمعروف أو نهياً عن منكر، أو ينطلق العبد بحاجته في معيشته التي لا بد له منها، أتنكرون قوله تعالى في سورة الانفطار ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ ﴾؟ وقوله في سورة ق ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾؟ أما يستحي أحدكم لو نُشرت عليه صحيفتُه التي أملاها صدر نهاره، فرأى أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه؟
وقال المحدث الحافظ إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني المتوفى بدمشق سنة 259: سألت يعلى بن عبيد الطنافسي قلت: إن ناساً عندنا يقولون: إن علياً وصيُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعا له الرسول صلى الله عليه وسلم فرجعت له الشمس ليصلي العصر، فقال: كذبٌ هذا كلُّه.

ليست هناك تعليقات:

 
log analyzer