أبو مِحجَن نصيب بن رباح الشاعر، مولى عبد العزيز بن مروان، وكان أسود شديد السواد، جيد الشعر، عفيف الفرج، كريماً يفضل بماله وطعامه، وتوفي سنة 108 للهجرة.
لما أصاب نصيب من المال ما أصاب، وكانت عنده أم محجن - وكانت سوداء - تزوج امرأة بيضاء فغضبت أم محجن، وغارت، فقال: يا أم محجن، والله ما مثلي يُغار عليه، إني لشيخ كبير، وما مثلك من يغار لأنك عجوز كبيرة، وما أجد أكرم عليّ منك ولا أوجب حقاً فجوزي هذا الأمر ولا تكدّريه عليّ، فرضيت وقرت.
ثم قال لها بعد ذلك: هل لك أن أجمع إليك زوجتي الجديدة فهو أصلح لذات البين وألم للشعث وأبعد للشماتة، فقالت: افعل. فأعطاها ديناراً وقال: أني أكره أن ترى بك خَصاصة وأن تَفضُل عليك، فاعملي لها إذا أصبحت عندك غداً نزلاً بهذا الدينار.
ثم أتى زوجته الجديدة، فقال لها: أني قد أردت أن أجمعك إلى أم محجن غداً وهي مكرمتك، وأكره أن تفضل عليك، فخذي هذا الدينار فأهدي لها به إذا أصبحت عندها غداً لئلا ترى بك خصاصة ولا تذكري الدينار لها، ثم أتى صاحباً يستنصحه، فقال: أني أريد أن أجمع زوجتي الجديدة إلى أم محجن غداً فأتِني مسلماً، فإني سأستجلسك للغداء، فإذا تغديت فسلني عن أحبهما إليّ، فإني سأنفر وأعظم ذلك وآبى أن أخبرك، فإذا أبيت ذلك فاحلف علي.فلما كان الغد زارت زوجته الجديدة أم محجن، ومر به صديقه فاستجلسه، فلما تغديا أقبل الرجل عليه، فقال: يا أبا محجن، أحب أن تخبرني عن أحب زوجتيك إليك، قال: سبحان الله، تسألني عن هذا وهما يسمعان، ما سأل عن مثل هذا أحد، قال: فإني أقسم عليك لتخبرني فو الله إني لا أعذرك، ولا أقبل إلا ذاك، قال: أما إذا فعلت فأحبُهما إليّ صاحبةُ الدينار، والله لا أزيدك شيئاً، فأعرضت كل واحدة منهما تضحك ونفسها مسرورةً وهي تظن أنه عناها بذلك القول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق