الثلاثاء، 1 يوليو 2008

أحبُهما إليّ صاحبةُ الدينار

أبو مِحجَن نصيب بن رباح الشاعر، مولى عبد العزيز بن مروان، وكان أسود شديد السواد، جيد ‏الشعر، عفيف الفرج، كريماً يفضل بماله وطعامه، وتوفي سنة 108 للهجرة.‏

لما أصاب نصيب من المال ما أصاب، وكانت عنده أم محجن - وكانت سوداء - تزوج امرأة بيضاء ‏فغضبت أم محجن، وغارت، فقال: يا أم محجن، والله ما مثلي يُغار عليه، إني لشيخ كبير، وما مثلك من ‏يغار لأنك عجوز كبيرة، وما أجد أكرم عليّ منك ولا أوجب حقاً فجوزي هذا الأمر ولا تكدّريه ‏عليّ، فرضيت وقرت.‏

ثم قال لها بعد ذلك: هل لك أن أجمع إليك زوجتي الجديدة فهو أصلح لذات البين وألم للشعث وأبعد ‏للشماتة، فقالت: افعل. فأعطاها ديناراً وقال: أني أكره أن ترى بك خَصاصة وأن تَفضُل عليك، ‏فاعملي لها إذا أصبحت عندك غداً نزلاً بهذا الدينار.‏

ثم أتى زوجته الجديدة، فقال لها: أني قد أردت أن أجمعك إلى أم محجن غداً وهي مكرمتك، وأكره أن ‏تفضل عليك، فخذي هذا الدينار فأهدي لها به إذا أصبحت عندها غداً لئلا ترى بك خصاصة ولا ‏تذكري الدينار لها، ثم أتى صاحباً يستنصحه، فقال: أني أريد أن أجمع زوجتي الجديدة إلى أم محجن غداً ‏فأتِني مسلماً، فإني سأستجلسك للغداء، فإذا تغديت فسلني عن أحبهما إليّ، فإني سأنفر وأعظم ذلك ‏وآبى أن أخبرك، فإذا أبيت ذلك فاحلف علي.‏فلما كان الغد زارت زوجته الجديدة أم محجن، ومر به صديقه فاستجلسه، فلما تغديا أقبل الرجل عليه، ‏فقال: يا أبا محجن، أحب أن تخبرني عن أحب زوجتيك إليك، قال: سبحان الله، تسألني عن هذا وهما ‏يسمعان، ما سأل عن مثل هذا أحد، قال: فإني أقسم عليك لتخبرني فو الله إني لا أعذرك، ولا أقبل إلا ‏ذاك، قال: أما إذا فعلت فأحبُهما إليّ صاحبةُ الدينار، والله لا أزيدك شيئاً، فأعرضت كل واحدة منهما ‏تضحك ونفسها مسرورةً وهي تظن أنه عناها بذلك القول

ليست هناك تعليقات:

 
log analyzer