حدث أبو اسحق إسماعيل بن موسى بن بنت السدي الكوفي الفزاري، المتوفى سنة 245 قال: كنت في مجلس مالك أكتب عنه فسُئل عن فريضةٍ - أي ميراث - فيها اختلافٌ بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فأجاب فيها بجواب زيد بن ثابت، فقلت: فما قال فيها عليّ بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود؟ فأومأ إلى الحَجَبة، فلما همّوا بي حاصرتهم وحاصروني، فأعجزتهم وبقيت محبرتي وكتبي بين يديّ مالك.
فلما أراد أن ينصرف قال له الحجبة: ما نعمل بكتب الرجل ومحبرته؟ قال: اطلبوه ولا تهيجوه بسوء حتى تأتوني به، فجاءوا إلي ورفِقوا بي حتى جئت معهم، فقال لي: من اين أنت؟ فقلت: من أهل الكوفة، فقال لي: إن أهل الكوفة قومٌ معهم معرفة بأقدار العلماء، فأين خَلَفتَ الأدب؟ قال: قلت: إنما ذاكرتك لأستفيد، فقال: إن علياً وعبد الله لا يُنكر فضلهما، وأهلُ بلدنا على قول زيد، وإذا كنت بين ظَهراني قوم فلا تبدأهم بما لا يعرفون، فيبدأك منهم ما تكره.
قال: ثم حججت في سنتي، وقدمت الشام، فدخلت دمشق فجلست في حلقة الوليد بن مسلم - الإمام الحافظ المتوفى سنة 195 - فلم أصبر أن سألته عن مسألة فأصاب، فقلت له: أخطأت يا أبي العباس، فقال: تخطئني في الصواب وتلحَنُ في الإعراب؟! فقلت له: خفضتك كما خفضك ربك، وداخلته بالاحتجاج، فمال الناس إليّ وتركوه، وقالوا: أهلُ الكوفة؛ أهلُ الفقه والعلم. فخفت أن يبدأني منه ما بدأني من مالك بن أنس، فاذا رجلٌ له حلم ودين، وزِعةٌ عن الإقدام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق