الخميس، 15 مايو 2008

توأم سيامي وحوار طبي

في سنة 340 ونيف جاء إلى الموصل رجلان أنفذهما صاحب أرمينية إلى ناصر الدولة ابن حمدان التغلبي حاكم الموصل آنذاك للأعجوبة منهما، وكان لهما نحو من ثلاثين سنة، وهما ملتزقان من جانب واحد ومن حد فويق الحقو – أي الخصر - إلى دوين الأبط، وكان معهما أبوهما، فذكر أنهما ولدا كذلك توأماً، وتراهما يلبسان قميصين وسراويلين كل واحد منهما، لباسهما مفرد إلا أنهما لم يكن يمكنهما لالتزاق كتفيهما وأيديهما في المشي لضيق ذلك عليهما، فيجعل كل واحد منهما يده التي تلي أخاه من جانب الالتزاق خلف ظهر أخيه ويمشيان كذلك، وإنما كانا يركبان دابة واحدة ولا يمكن أحدهما التصرف إلا بتصرف الآخر معه، وإذا أراد أحدهما الغائط قام الآخر معه وإن لم يكن محتاجاً.

وحدث ابوهم أنه لما ولدا أراد أن يفرق بينهما، فقيل له: أنهما يتلفان لأن التزاقهما من جنب الخاصرة، وأنه لا يجوز أن يَسْلما، فتركهما، وكانا مسلمين، فأجازهما ناصر الدولة وخلع عليهما، وكان الناس بالموصل يصيرون إليهما فيتعجبون منهما ويهِبون لهما.

ثم إنهما خرجا إلى بلدهما، فاعتلَّ أحدُهما ومات وبقي الآخرُ أياماً حتى أنتن أخاه وأخوه حي لا يمكنه التصرف، ولا يمكن الأب دفن الميت إلى أن لحقت الحي علة من الغم والرائحة، فمات أيضاً فدفنا جميعاً.

وكان ناصر الدولة قد جمع لهما الأطباء وقال: هل من حيلة في الفصل بينهما؟ فسألهما الأطباء عن الجوع: هل تجوعان في وقت واحد؟ فقال: إذا جاع الواحد منا تبعه جوع الآخر بشيء يسير من الزمان، وإن شرب أحدنا دواء مسهلاً انحل طبع الآخر بعد ساعة، وقد يلحق أحدنا الغائط ولا يلحق الآخر، ثم يلحقه بعد ساعة.

فنظروا فإذا لهما جوف واحد وسرة واحدة ومعدة واحدة وكبد واحد وطحال واحد، وليس من الالتصاق أضلاع، فعلموا أنهما إن فصلا تلفا، ووجدوا لهما ذكران، وأربع بيضات، وكان ربما وقع بينهما خلاف وتشاجر فتخاصما أعظم خصومة، حتى ربما حلف أحدهما لا كلم الآخر أياماً، ثم يصطلحان.

ليست هناك تعليقات:

 
log analyzer