السبت، 10 مايو 2008

يجيزون شهادة الحمير

كان بمكة سفيه يجمع بين الرجال والنساء على الرِيَب، فشكا أهل مكة ذلك إلى الوالي فغرّبه إلى عرفات، فاتخذها منزلاً ودخل إلى مكة مستتراً فلقي بها حرفاؤه من الرجال والنساء، فقال: وما يمنعكم مني؟ فقالوا: وأين بك وأنت بعرفات؟ فقال: حمار بدرهمين؛ وصرتم إلى الأمن والنزهة والخلوة واللذة، قالوا: نشهد إنك لصادق؟ فكانوا يأتونه.

فكثر ذلك حتى أفسد على أهل مكة أحداثهم وحواشيهم، فعادوا بالشكية إلى أميرهم، فأرسل إليه فأتي به فقال: أي عدو اللّه! طردتك من حرم اللّه فصرت إلى المشعر الأعظم تفسد فيه وتجمع بين الخبائث! فقال: أصلح اللّه الأمير! إنهم يكذبون عليَّ ويحسدونني! فقالوا للوالي: بيننا وبينه واحدة: تجمع حُمُرَ المكارين وترسلها إلى عرفات، فإن لم تقصد إلى بيته لما تعودت من إتيان السفهاء والفُجَّار إياه، فالقول ما قال. فقال الوالي: إن في هذا لدليلاً، وأمر بجمع الحُمُرِ فجُمعت ثم أُرسلت فقصَدَت منزله.

وأتى الأميرَ أمناؤه فقال: ما بعد هذا شيء، جَرِّدوه! فلما نظر إلى السياط قال: ولا بد من ضربي؟ قال: لا بد يا عدو اللّه، قال: اضرب فواللّه ما في هذا شيء بأشد من أن يسخر بنا أهل العراق ويقولون: أهلُ مكة يجيزون شهادة الحمير مع تقريعهم لنا بقبول شهادة الواحد مع يمين الطالب، قال: فضحك الأمير وقال: لا أضربك اليوم، وأمر بتخلية سبيله وترك التعرض له.

ليست هناك تعليقات:

 
log analyzer