الاثنين، 30 يونيو 2008

ما أنت والاعتراض على الشيخ؟

لما دخل الأمير أحمد بن طولون – المتوفى سنة 270 عن خمسين سنة - دمشق وقع فيها حريق عند كنيسة مريم، فركب إليه أحمد بن طولون ومعه أبو زرعة الدمشقي عبد الرحمن بن عمرو المتوفى سنة 280، وأبو عبد الله أحمد بن محمد الواسطي كاتب ابن طولون ينظرون إلى الحريق، فالتفت أحمد بن طولون إلى أبي زرعة، فقال: ما يسمى هذا الموضع؟ فقال له أبو زرعة: يقال له كنيسة مريم. فقال أبو عبد الله: وكان لمريم كنيسة؟ فقال أبو زرعة: إنها ليست مريم بنت عمران أم عيسى وإنما بنى النصارى هذه الكنيسة فسموها باسمها.

فقال أحمد بن طولون لأبي عبد الله الواسطي: ما أنت والاعتراض على الشيخ؟ ثم أمر بسبعين ألف دينار تخرج من ماله وتعطى كل من احترق له شيء، ويُقبل قوله ولا يُستحلف عليه. فأُعطوا وفَضَلَ من المال أربعةُ عشر ألف دينار، وكان يجري ذلك على يد أبي عبد الله الواسطي، فراجع أبو عبد الله الأمير ابن طولون فيما بقي من المال، فأمر أن يُفرق على أصحاب الحريق على قدر شهامتهم، ولا يرد إلى بيت المال منه شيء.

الأحد، 29 يونيو 2008

ثلاث خصال

أبو قلابة الجرمي عبد الله بن زيد من أهل البصرة، كان فقيهاً عالماً بالفقه، بصيراً بالقضاء، فلما طُلِبَ للقضاء هرب إلى الشام، ومرض فدخل عليه عمر بن عبد العزيز يعوده، فقال له: يا أبا قلابة، تشدد ولا تشمت بنا المنافقين. ومات بالشام سنة 104.

قال أيوب السختياني المتوفى سنة 131: قال لي أبو قلابة: احفظ عني ثلاث خصال: إياك وأبواب السلطان، ومجالسة أهل الأهواء، والزم سوقك فإن الغِـنى من العافية.

السبت، 28 يونيو 2008

قصة الرغيف

قال الوزير أبو الحسن ابن الفرات المتوفى 312 - وكان شديد الدهاء كثير المصادرة - لأبي جعفر بن بسطام: ويحك يا أبا جعفر، لك قصة في رغيف، فقال: إن أمي كانت عجوزاً صالحة عودتني منذ ولدتني أن تجعل تحت مخدتي التي أنام عليها في كل ليلة رغيفاً فيه رطل، فإذا كان من غد تصدقت به عني، فأنا أفعل ذلك إلى الآن.

فقال ابن الفرات: ما سمعتُ بأعجب من هذا، إعلم أني من أسوأ الناس رأياً فيك لأمور أوجبت ذلك، وأنا مفكرٌ منذ أيام في القبض عليك وفي مطالبتك بمال، فأرى منذ ثلاث ليال في منامي كأنني أتدعيك لأقبض عليك فتحاربني وتمتنع مني، فأتقدم لمحاربتك فتخرُجَ إلى من يحاربك وبيدك رغيف كالترس فتتقي به السهام ولا يصل إليك منها شيء، وأُشْهِد الله أني قد وهبت لله عز وجل ما في نفسي عليك، وأن رأيي لك أجملَ رأي من الآن فانبسِطْ.

الجمعة، 27 يونيو 2008

فإن الله عز وجل سوف يوفيه

روى الأمام أحمد عن جابر بن عبد الله الأنصاري، المولود سنة 16 قبل الهجرة والمتوفى سنة 78، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى المشركين ليقاتلهم، وقال لي أبي عبد الله: يا جابر لا عليك أن تكون في نَظَّارِي أهل المدينة حتى تعلم إلى ما يصير أمرنا، فإني والله لولا أني أترك بنات لي بعدي لأحببت أن تُقتَل بين يديّ، قال: فبينما أنا في النظّـارين إذ جاءت عمتي بأبي وخالي عادلتُهما على ناضحٍ، فدخلت بهما المدينة لتدفنهما في مقابرنا، إذ لحق رجل ينادي ألا إن النبي صلى الله عليه وسلم يأمركم أن ترجعوا بالقتلى، فتدفنوها في مصارعها حيث قُتِلت، فرجعنا بهما فدفناهما حيث قتلا.

فبينما أنا في خلافة معاوية بن أبي سفيان إذ جاءني رجل فقال: يا جابر بن عبد الله، والله لقد أثار أباك عملُ معاوية فبدا فخرج طائفة منه، فأتيته فوجدته على النحو الذي دفنتُه لم يتغير إلا ما لم يدع القتل أو القتيل فواريته.

قال: وترك أبي عليه دَينا من التمر فاشتدَّ عليّ بعض غرمائه في التقاضي، فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا نبي الله إن أبي أُصيبَ يومَ كذا وكذا، وترك عليّ دَينا من التمر، واشتدّ عليّ بعضُ غرمائه في التقاضي، فأحبُ أن تعينني عليه لعله أن يُنظِرُني طائفةً من تمره إلى هذا الصِرام المقبل، فقال: نعم آتيك إن شاء الله قريبا من وسط النهار.

وجاء معه حَوَارِيُّهُ، ثم استأذن ودخل، فقلت لامرأتي: إن النبي صلى الله عليه وسلم جاءني اليوم وسط النهار، فلا أرَيتُكِ ولا تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي بشيء، ولا تكلميه، فدخل ففرشتُ له فراشاً ووسادة فوضع رأسه فنام، وقلتُ لمولى لي اذبح هذه العَناق - وهي داجن سمينة - والوَحَا والعَجَل، افرَغْ منها قبل أن يستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معك، فلم نَزَل فيها حتى فرَغْنا منها وهو نائم، فقلت له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ يدعو بالطَهُور، وإني أخاف إذا فرغ أن يقوم، فلا يفرغن من وضوئه حتى تَضَعَ العَناقَ بين يديه، فلما قام قال: يا جابر ائتني بطهور، فلم يفرغ من طهوره حتى وضعتُ العناق عنده، فنظر إلي فقال: كأنك قد علمت حبنا للحم، ادع لي أبا بكر، قال: ثم دعا حوارييه اللذين معه فدخلوا فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم يده وقال بسم الله كلوا، فأكلوا حتى شبعوا، وفَضَلَ لحمٌ منها كثير.

قال: والله إن مجلس بني سلمة لينظرون إليه، وهو أحب إليهم من أعينهم، ما يقربه رجل منهم مخافة أن يؤذوه، فلما فرغ قام وقام أصحابه فخرجوا بين يديه، وكان يقول: خلوا ظهري للملائكة، واتَّبعتُهُمْ حتى بلغوا أُسْكُفَّةَ الباب، قال: وأخرجت امرأتي صدرها وكانت مستترة بسقيف في البيت، قالت: يا رسول الله صل عليّ وعلى زوجي صلى الله عليك، فقال: صلى الله عليك وعلى زوجك، ثم قال: ادعُ لي فلاناً لغريمي الذي اشتدّ عليّ في الطلب، قال: فجاء فقال: أَيْسِرْ جابرَ بن عبد الله يعني إلى الميسرة طائفةً من دَيْنك الذي على أبيه إلى هذا الصِرامِ المقبل، قال: ما أنا بفاعل، واعْتَلَّ وقال: إنما هو مال يتامى، فقال: أين جابر؟ فقلت: أنا ذا يا رسول الله، قال: كُلْ له فإن الله عز وجل سوف يوفيه، فنظرت إلى السماء فإذا الشمس قد دَلَكَتْ، قال: الصلاةُ يا أبا بكر، فاندفعوا إلى المسجد، فقلتُ: قرب أوعيتك فكُلتُ له من العجوة، فوفاه الله عز وجل وفضل لنا من التمر كذا وكذا.

فجئت أسعى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده كأني شرارة، فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى، فقلت: يا رسول الله ألم ترَ أني كِلتُ لغريمي تمرَه فوفّاه الله، وفَضَلَ لنا من التمر كذا وكذا، فقال: أين عمر بن الخطاب؟ فجاء يهرول فقال: سَلْ جابرَ بن عبد الله عن غريمه وتمره، فقال: ما أنا بسائله، قد علمتُ أن الله عز وجل سوف يُوَفِّيهِ، إذ أخبرتَ أن الله عز وجل سوف يوفيه، فكرر عليه هذه الكلمة ثلاث مرات، كلُّ ذلك يقول ما أنا بسائله، وكان لا يراجِع بعد المرة الثالثة، فقال: يا جابر ما فعل غريمك وتمرك؟ قال: قلت: وفاه الله عز وجل وفضل لنا من التمر كذا وكذا، فرجع جابر إلى امرأته فقال: ألم أكن نهيتك أن تكلمي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: أكنتَ تظُنُ أن الله عز وجل يورِدُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بيتي ثم يخرجُ ولا أسأله الصلاةَ عليّ وعلى زوجي قبل أن يخرج!

الخميس، 26 يونيو 2008

أرجو أن يكون لك خِيَرَة

كان رجل بالبصرة من بني سعيد، وكان قائداً من قواد عبيد الله بن زياد، فسقط من السطح، فانكسرت رجلاه، فدخل عليه أبو قلابة يعوده فقال له: أرجو أن يكون لك خِيَرَة، فقال: يا أبا قلابة، وأي خيرة في كسر رجلي جميعاً! قال: ما الله عنك أكثر، فلما كان بعد ثلاث ورد عليه كتاب عبيد الله بن زياد أن يخرج فيقاتل الحسين بن علي رضي الله عنهما، فقال للرسول: قد أصابني ما ترى، فما كان سبعاً حتى وافى الخبر بقتل الحسين، فقال الرجل: رحم الله أبا قلابة، لقد صدق أنه كان خِيَرَة لي.

الأربعاء، 25 يونيو 2008

شهود عبيد الله عند مخطوبته

التابعي الجليل عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، روى عن أبي هريرة، وابن عباس، وأبي طلحة، وسهل بن حنيف، وزيد بن خالد، وأبي سعد الخدري، وعائشة، وكان ثقة فقيهاً، وهو أحد الفقهاء السبعة ومن أكابرهم، وهو مع ذلك شاعر فصيح، وكان عمر بن عبد العزيز يقول: من بليلة من ليالي عبيد الله بن عبد الله بألف دينار. توفي عبيد الله رحمه الله بالمدينة في سنة 98.

قدمت المدينة امرأة من هذيل، وكانت جميلة جداً، فرغب الناس فيها فخطبوها وكادت تذهب بعقول أكثرهم، فقال عبيد الله:

أحبك حباً لا يحبك مثله ... قريب ولا في العاشقين بعيدُ
أحبك حباً لو شعرت ببعضه ... لجِـدتِ ولم يصعب عليك شديد
وحبك يا أم الصبي مدلّـهي ... شهيدي أبو بكر فنعم شهيد
ويعرف وجدي القاسم بن محمد ... وعروةُ ما ألقى بكم وسعيدُ
ويعلم ما أخفي سليمانُ علمه ... وخارجةٌ يبدي بنا ويعيد
متى تسألي عما أقول وتخبري ... فلله عندي طارف وتليد

فقال سعيد بن المسيب: أما أنت والله! قد أمنِتَ أن تسألَـنا وما طمعتَ إن سألَـتنا أن نشهد لك بالزور. وهؤلاء الذين استشهدهم عبيد الله وهو معهم فقهاء المدينة السبعة الذين أُخِـذ عنهم الرأي رحمهم الله جميعاً.

الثلاثاء، 24 يونيو 2008

مقيم على سفر

قال الأديب أبو علي محمد بن وشاح بن عبد الله البغدادي المتوفى سنة 463 عن أربع وثمانين سنة:

حملتُ العصا لا الضَعْفُ أوجب حملَها ... عليّ ولا أني انحنيت من الكِبَرْ
ولكنني ألزمتُ نفسي بحمـلِها ... لأعلمَها أنـي المقيمُ على سفر

الاثنين، 23 يونيو 2008

أم المقتدر بالله العباسي

السيدة أم المقتدر بالله العباسي: اسمها شغب، كانت من جواري المعتضد بالله أبي جعفر، واعتقها وتزوجها. ولما آلت الخلافة إلى ابنها المقتدر سنة 295 ه‍، وعمره ثلاث عشرة سنة، قامت بتوجيهه، وكانت مدبرة حازمة، واستولت على أمور الخلافة. وأمرت سنة 306 ه‍ قهرمانة لها اسمها (ثمل) أن تجلس للنظر في عرائض الناس، يوما في كل جمعة، فكانت تجلس ويحضر الفقهاء والقضاة والاعيان وتبرز التواقيع، وعليها خطها. ولما ثار عبد الله بن حمدان على المقتدر، وناصره بعض رجال المقتدر، وخلعوه سنة 317 استتر عند أمه، وكان لها ستمائة ألف دينار في الرصافة، فأُخذت. ثم لم تلبث أن عادت إلى تدبير الشؤون بعد قمع الثورة في السنة نفسها، وقويت القرامطة وقتلوا الخلق العظيم بالعراق والجزيرة والشام، وأم المقتدر تطوي عن ابنها الاخبار من الرزايا والفجائع، وتقول: إظهارها يؤلم قلبه! فأدى ذلك إلى غاية الفساد. وظلت متنفذة إلى أن قتل ابنها المقتدر سنة 320.

وولي بعده القاهر فضربها وعذبها، ثم نقلها الحاجب علي بن بليق، إلى داره وجعلها عند والدته، وأكرمها ورفهها، إلا أن عِلتها من ضرب القاهر اشتدت عليها، فتوفيت، ودفنت بتربتها بالرصافة. قال ابن تغري بردي: كان لها الأمر والنهي في دولة ابنها، وكانت صالحة، وكان متحصلها في السنة ألف ألف دينار، فتتصدق بها وتخرج من عندها مثلها. من آثارها بيمارستان (مستشفى) أنشأته ببغداد، كان طبيبه سنان بن ثابت، وكان مبلغ النفقة فيه في العام سبعة آلاف دينار.

الأحد، 22 يونيو 2008

مثلك يا أحمد من قُلِدَ القضاء

حدث القاضي أبو الحسين علي بن محمد بن أبي جعفر بن البهلول، قال: طلبت السيدة أم الخليفة المقتدر بالله من جدي محمد بن أبي جعفر بن البهلول المتوفى 318 كتابَ وَقْفٍ بضيعة كانت ابتاعتها، وكان كتاب الوقف مخزوناً في ديوان القضاء، وأرادت أخذه لتخرقه وتتملك الوقف، ولم يعلم الجدُّ بذلك، فحمله إلى الدار، وقال للقهرمانة: قد أحضرت الكتاب فأيش ترسم؟ فقالوا: نريد أن يكون عندنا، فأحس بالأمر، فقال لأم موسى القهرمانة: تقولين لأم المقتدر السيدة: اتقي الله، هذا والله ما لا طريق إليه أبداً، أنا خازن المسلمين على ديوان الحكم، فإن مكنتموني من خزنه كما يجب، وإلا فاصرفوني وتسلموا الديوان دفعة واحدة، فاعملوا فيه ما شئتم، وأما أن يُفعل شيء من هذا على يدي، فوالله لا كان ذلك أبداً ولو عُرِضتُ على السيف.

ونهض والكتاب معه، وجاء إلى طيارِهِ – وهو زورق صغير سريع - وهو لا يشك في الصرف، فصعد إلى الوزير ابن الفرات وحدثه بالحديث، فقال له: ألا دافعت عن الجواب وعرفتني حتى أكتب وأُملي في ذلك، والآن أنت مصروف فلا حيلة لي مع السيدة في أمرك.

قال: وأدت القهرمانة الرسالة إلى السيدة، فشكت إلى المقتدر، فلما كان يوم الموكب خاطبه المقتدر شفاهاً في ذلك فكشف له الصورة، وقال له مثل ذلك القول والاستعفاء، فقال له المقتدر: مثلك يا أحمد من قُلِدَ القضاء، أقِم على ما أنت عليه بارك الله فيك، ولا تخف أن ينثلم محلك عندنا.

فلما عاودت السيدة قال لها المقتدر: الأحكام ما لا طريق إلى اللعب به، وابن البهلول مأمون علينا محب لدولتنا، ولو كان هذا شيئاً يجوز لما منعتك إياه، فقالت السيدة: كأن هذا لا يجوز؟ فقال لها: لا، هذه حيلة من أرباب الوقف على بيعه. وأعلمها كاتبُها ابن عبد الحميد شرحَ الأمر وأن الشراء لا يصح بتخريق كتاب الوقف، وأن هذا لا يحل، فارتجعت المال، وفسخت الشراء، وعادت تشكر جدي وانقلب ذلك أمراً جميلاً عندهم، فقال جدي بعد ذلك: من قدّم أمر الله على أمر المخلوقين كفاه الله شرهم.

السبت، 21 يونيو 2008

وإلى أن ينوي ويتم النية

قال أبو الحسن بن عبد الملك بن إبراهيم أبي الفضل الهمذاني: كان والدي - المتوفى سنة 489 - إذا أراد أن يؤدبني يأخذ العصا بيده ويقول: نويت أن أضرب ابني تأديباً كما أمر الله، ثم يضربني. قال أبو الحسن: وإلى أن ينوي ويتم النية كنت أهرب.

الجمعة، 20 يونيو 2008

أنا خيرُ من يُبايَع

روى الترمذي وأحمد والنسائي رحمهم الله، ودخل من حديث بعضهم في بعض، عن عَائِشَةَ وأنس بن مالك رضي الله عنهما، قالت عائشة: كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبان قِطْرِيَّان غليظان فكان إذا قعد فعَرِقَ ثَقُلا عليه فقدِمَ بَزٌّ من الشام لفلانٍ اليهودي فقلت: لو بعثتَ إليه فاشتريتَ منه ثوبين إلى الميسَرَة.

قال أنس: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته، فقلت: بعثني إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم لتبعث إليه بأثواب إلى الميسَرَة فقال: وما الميسرة! ومتى الميسرة! والله ما لمحمدٍ سَائِقَةٌ ولا رَاعِيَةٌ، قد علمتُ ما يريد محمد، إنما يريد أن يأخذ ثوبيَّ ولا يعطيني الدراهم، فرجعتُ فأتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآني قال: كذبَ قد علم أني من أتقاهُم لله وآداهُمْ للأمانة، أنا خيرُ من يُبايَعُ، لأن يَلْبَسَ أحدُكم ثوباً من رقاعٍ شَتَّى خيرٌ له من أن يأخذ بأمانتهِ ما ليسَ عنده.

الخميس، 19 يونيو 2008

شجون المحدثين: أعز شيء لدى الخطيب البغدادي

أهدى الخطيبُ البغدادي - المولود سنة 392 والمتوفى 463 – كتابَـهُ تاريخَ بغداد بخطه إلى عبد المحسن بن محمد بن علي بن أحمد، أبي منصور الشيحي التاجر المتوفى سنة 489 وقال: لوكان عندي أعز منه لأهديته له. لأن الشيحي حَمَلَ الخطيبَ من الشام إلى العراق.

الأربعاء، 18 يونيو 2008

شجون المحدثين: الحديث فتنة

قال الإمام يحيى بن معين المتوفى سنة 233 عن 75 سنة رحمه الله: أول ما كتبنا عن أبي النضر هاشم بن القاسم المتوفى 207 قال: إن عندي كتاباً لشعبة نحواً من ثمانمائة حديث سألتُ عنها شعبة. فحدَثَنا بها، وقال: عندي غيرُ هذه لَستُ اجترئ عليها، ثم حضرّناه من بعدُ تلكَ الأحاديث الباقية، فكان يقول فيها: حدثنا شعبة، والحديثُ فتنة. وكانت نحواً من أربعة آلاف.

الثلاثاء، 17 يونيو 2008

شجون المحدثين: لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي

كان السّري بن عاصم المتوفى 258 في مجلسه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فسمع كلاماً في ناحية المجلس فقال: ما هذا؟ كنا عند حمّاد بن زيد وهو يحدثنا عن النبي صلى الله عليه وسلم فسمع كلاماً في ناحية المجلس فقال: ما هذا؟ كانوا يعدون الكلام عند حديث النبي صلى الله عليه وسلم كرفع الصوت فوق صوته.

الاثنين، 16 يونيو 2008

شجون المحدثين: أخزى الله سلعة لا تنفق إلا بعد الكبر

قال الإمام عبد الرزاق بن همام الصنعاني المتوفى سنة 211 شيخ الإمام أحمد رحمهما الله: أخزى الله سلعة لا تنفق إلا بعد الكِبَرِ والضَعْف: حتى إذا بلغ أحدهم مائة سنة كُتبَ عنه، وإما أن يقال كذاب فيبطلون عمله، وإما أن يقال مبتدع فيبطلون عمله، فما أقل من ينجو من ذلك.

قال الإمام عبد الرزاق بن همام الصنعاني: قال لي وكيع بن الجراح، المولود سنة 129 والمتوفى سنة 197: أنت رجل عندك حديث، وحفظك ليس بذاك، فإذا سئلت عن حديث فلا تقل ليس هو عندي، ولكن قل لا أحفظه.

الأحد، 15 يونيو 2008

شجون المحدثين: أشدُّ من شرط البخاري

قال ابن طاهر المقدسي: سألت سعد بن علي الزنجاني عن رجل فوثقه، فقلت: قد ضعّفه النسائي! فقال: يا بنيّ إن لأبي عبد الرحمان شرطاً في الرجال أشدُّ من شرط البخاري.

السبت، 14 يونيو 2008

شجون المحدثين: ما هذا الحديث الذي تكثرون

بعث عمر إلى ابن مسعود وإلى أبي الدرداء وإلى أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنهم، فقال: ما هذا الحديث الذي تكثرون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! وحبسهم بالمدينة حتى استشهد.

الجمعة، 13 يونيو 2008

وما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر

روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه، ما خلا أبا بكر فإن له عندنا يدًا يكافئه الله بها يوم القيامة، وما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر، ولو كنت متخذًا خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً.

الخميس، 12 يونيو 2008

ما دمتَ حياً فدارِ الناس كـلهم

قال الإمام أحمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب أبو سليمان الخطابي المتوفى سنة 249 شارح سنن أبي داود والبخاري:

ما دمـتَ حياً فـدارِ النـاس كـلهـم ... فإنمـا أنت في دار المـُداراة
من يدرِ دارى ومن لم يدر سوف يُرى ... عمـا قليلٍ نديماً للندامات

الأربعاء، 11 يونيو 2008

وأرى هذا ما يبالي

حدث مفضل بن مهلهل قال: خرجت حاجاً مع سفيان فلما صرنا إلى مكة وافقنا الأوزاعي بها فاجتمعنا في دارنا والأوزاعي - ولد سنة 88 وتوفي سنة 147 - وسفيان الثوري – ولد سنة 97 وتوفي سنة 161 - قال: وكان على الموسم - أي إمارة الحج - عبد الصمد بن علي الهاشمي - عم الخليفة المنصور وعامله على الحجاز، ولد سنة 104 وتوفي سنة 185 - فدق داقٌّ الباب، قلنا: من هذا؟ قال: الأمير، فقام الثوري فدخل المخرج وقام الأوزاعي فتلقاه فقال له عبد الصمد بن علي: من أنت أيها الشيخ؟ قال: أنا أبو عمرو الأوزاعي، قال: حياك الله بالسلام أما أن كتبك كانت تأتينا فكنا نقضي حوائجك، ما فعل سفيان الثوري؟ قال: دخل المخرج، فدخل الأوزاعي في أثره فقال: إن هذا الرجل ما قصد إلا قصدك قال: فخرج سفيان مقطباً فقال: سلام عليكم كيف أنتم؟ فقال له عبد الصمد بن علي: يا أبا عبد الله أتيتك أكتب هذه المناسك عنك، قال له سفيان: ألا أدلك على ما هو أنفع لك قال: وما هو؟ قال: تدع ما أنت فيه، قال: كيف أصنع بأمير المؤمنين أبي جعفر قال: إن أردت الله كفاك الله أبا جعفر.

فقال الأوزاعي لسفيان الثوري بعد أن انصرف عبد الصمد: يا أبا عبد الله إن هؤلاء قريش وليس يرضون منا إلا بالإعظام لهم، فقال: له يا أبا عمرو إنا ليس نقدر نضربهم فإنما نؤدبهم بمثل هذا الذي ترى. قال المفضل: فالتفت إليّ الأوزاعي فقال: لي قم بنا من ههنا فإني لا آمن أن يبعث هذا من يضع في رقابنا حبالاً، وأرى هذا ما يبالي.

الثلاثاء، 10 يونيو 2008

كل محبوب سوى الله سرف

قال الزاهد يحيى بن معاذ بن جعفر الرازي، الذي ولد في الري – وهي اليوم طهران - وأقام ببلخ، وتوفي في نيسابور عام 258:

كلُ محبوبٍ سوى الله سَرَفْ *** وهـمومٌ وغـمومٌ وأسفْ
كـلُ محبوبٍ فمنه خَلَفٌ *** ما خلا الرحمن ما منه خَلَفْ
إن للـحب دلالات إذا *** ظهرت من صاحب الحب عُرِفْ
همّـهُ فـي الله لا في غيره *** ذاهبُ العـقل وبالله كَـلِفْ
باشَرَ المحرابَ يشـكو بثّهُ *** وأمام الله مولاه وقـف

وقال يحيى بن معاذ رحمه الله:

وليُّ الله في الدنيا وحيدُ *** وبين الخلق مكتئب طريدُ
له في جنة الرحمن دارٌ *** وعيشٌ ناعم غض جديدُ

الاثنين، 9 يونيو 2008

تعلم يا فتى والعود رطب

كان أبو بكر الشاشي الفقيه محمد بن أحمد بن الحسين بن عمر المتوفى سنة 507 عن ثمانين سنة، ينشد:

تعلم يا فتى والعود رطب ... وطينك لين والطبع قابل
فحسبك يا فتى شرفاً وفخراً ... سكوت الحاضرين وأنت قائل

الأحد، 8 يونيو 2008

أحب إليّ من أُنس الصديق

قال المحدث محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري الدمشقي الحافظ الرحالة المتوفى سنة 353 عن سبعٍ وثمانين سنة

لمحبرة تجالسني نهاري *** أحب إليّ من أُنس الصديق
ورزمة كاغدٍ في البيت عندي *** أحب إلي من عِدل الدقيق
ولطمة عالم في الخدّ مني ألذّ *** لديّ من شرب الرحيق
والكاغد: الورق.

السبت، 7 يونيو 2008

تأخذ معانيَّ التي قد عنيت بها

غضب الشاعر بشار بن برد المتوفى سنة 167 على الشاعر سَلَم الخاسر المتوفى سنة 186، وكان سلم من تلامذته ورواته فاستشفع عليه بجماعة من إخوانه فأتوه فقالوا: جئناك في حاجة فقال: كل حاجة لكم مقضية إلا سلماً، قالوا: ما جئناك إلا في سلم، ولا بد من أن ترضى عنه، قال: فأين هو؟ قالوا: ها هو ذا. فقام سلم يقبل رأسه ويديه وقال: يا أبا معاذ خريجك وأديبك، فقال بشار: فمن الذي يقول؟

من راقب الناس لم يظفر بحاجته ... وفاز بالطيبات الفاتك اللهج

قال: أنت يا أبا معاذ جعلني الله فداك، قال: فمن الذي يقول؟

من راقب الناس مات هماً ... وفاز باللذة الجسور

قال: خريجك يقول ذلك قال: فتأخذ معانيَّ التي قد عنيت بها وتعبت فيها وفي استنباطها فتكسوها ألفاظاً أخف من ألفاظي حتى يروى ما تقول ويذهب شعري لا أرضى عنك أبداً! فما زال يتضرع إليه ويشفّع له القوم حتى رضي عنه.

الجمعة، 6 يونيو 2008

أسلمتَ على ما سَلَفَ لك من خير

حكيم بن حزام بن خويلد القرشي الأسدي، هو ابن أخي خديجة بنت خويلد زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ولد في الكعبة وذلك أن أمه دخلت الكعبة في نسوة من قريش وهي حامل، فضربها المخاض، فأتيت بنطع - أي بقطعة جلد - فولد حكيم بن حزام عليه.

أعتق في الجاهلية مائة رقبة وحمل على مائة بعير، وتأخر إسلامه إلى عام الفتح، فلما أسلم حمل على مائة بعير وأعتق مائة رقبة.

قال: فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أشياء كنت أصنعها في الجاهلية أتحنث بها - يعني أتبرر بها - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسلمتَ على ما سَلَفَ لك من خير.

عاش حكيم بن حزام في الجاهلية ستين سنة، وفي الإسلام ستين سنة، وتوفي بالمدينة سنة 54، وكان عاقلاً سوياً فاضلاً تقياً سخياً بماله.

الخميس، 5 يونيو 2008

لم أجد جزءاً يصلح لأبي زرعة

عبد اللّه بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث، أبو محمد السمرقندي، ولد بدمشق سنة 444، ونشأ ببغداد، وسمع الحديث ببيت المقدس، وبنيسابور، بلخ، وبسرخس، وبمرو، وبإسفرائين، وبالكوفة، وبالبصرة، وغير ذلك من البلاد، صحب أباه والخطيب وجمع وألف، وكان صحيح النقل كثير الضبط، ذا فهم ومعرفة، توفي رحمه الله سنة 516 هجرية.

دخل أبو محمد السمرقندي بيتَ المقدس وقصد الشيخ أبا عثمان محمد بن أحمد بن ورقاءَ الأصبهاني الصوفي نزيل بيت المقدس والمتوفى بعد 465، فطلب منه جزءاً حديثياً فوعده به ونسي أن يخرجه فتقاضاه فوعده مراراً، فقال له: أيها الشيخ لا تنظر إلى بعين الصَبوَة – أي تستصغرني لشبابي - فإن اللّه قد رزقني من هذا الشأن مالم يَرْزق أبا زُرْعة الرازي، فقال الشيخ: الحمد لله! ثم رجع أبو محمد السمرقندي إليه يطلب الجزء، فقال الشيخ: أيها الشاب إني طلبت البارحة الأجزاء فلم أجد فيها جزءاً يصلح لأبي زرعة الرازي، فخجل السمرقندي وقام.


و كان أبو زرعة الرازي المولود سنة 200 والمتوفى بالري – أي طهران - سنة 264 من الأئمة حفاظ الحديث، كان يحفظ مئة ألف حديث، ويقال: كل حديث لا يعرفه أبو زرعة ليس له أصل.

الأربعاء، 4 يونيو 2008

لي دمعٌ ليس يعصيني

كانت دريرة جارية الخليفة العباسي المعتضد بالله - المتوفى سنة 289 عن 45 سنة - مكينةً عنده، لها موضع من قلبه، فتوفيت فجزع عليها جزعاً شديداً، وقال فيها:

يا حبيباً لم يكن يعدله عندي حبيبُ
أنت عن عيني بعيدٌ ومن القلب قريب
ليس لي بعدك في شيء من اللهو نصيب
لك من قلبي على قلبي وإن بِنْتَ رقيب
وخيالي منك مُذ غِبت خيالٌ ما يغيب
لو تراني كيف لي بعدك عَولٌ ونحيب
وفؤادي حشوه من حُرَقِ الحزن لهيب
لتيقنت بأني فيك محزون كئيب
ما أرى نفسي وإن سلليتُها عنك تطيب
لي دمعٌ ليس يعصيني وصبرٌ ما يجيب

الثلاثاء، 3 يونيو 2008

بيت شعر بأربعة آلاف درهم

حضرت امرأةً من بني نمير الوفاةُ فقيل لها: أوصي، فقالت: نعم، خبروني من القائل؟

لَعمرُكَ ما رماح بني نمير *** بطائشة الصدور ولا قِصارُ

فقيل لها زياد الأعجم، فقالت: أُشهدُكم أن له ثُلَثَ مالي، قال: فحُمِلَ له من ثُلُثِها أربعةُ آلاف درهم.

وزياد بن سليمان الأعجم مولى بني عبد القيس، من شعراء الدولة الاموية، ولد ونشأ في أصفهان، وانتقل إلى خراسان، فسكنها وطال عمره، ومات نحو 100 هجرية

الاثنين، 2 يونيو 2008

الناس عبيد الدنيا

حدث الفرزدق قال: حججتُ فلما كنت بذات عِرق لقيني الحسين بن علي رضي الله عنه يريد الكوفة، فقصدته فسلمت عليه، فقال لي: ما خلّفتَ لنا وراءك بالبصرة؟ فقلت: قلوبُ القوم معك وسيوفُهم مع بني أمية، فقال: ما أشك في أنك صادق؛ الناس عبيد الدنيا، والدين لغوٌ على ألسنتهم يحوطونه ما درّت به معائشهم، فإذا استنبطوا - أي استخرجوا معايشهم - قلّ الديّانون.

ويجدر الذكر هنا أن المراجع الشيعية صحفت كلمة "لغو" إلى كلمة "لعِقٌ" وهي أبعد ما تكون عن اللغة والمعنى.

الأحد، 1 يونيو 2008

لا تبكي على هالك

ساروا بها كالبدر في هودج * يميس محفوفا بأترابه
فاستعبرتْ تبكي فعاتبـتُها * خوفا من الواشي وأصحابه
وقلت لا تبكي على هالكٍ * بعدك ما يبقى على ما به
للموت أبواب وكل الورى * لابد أن يدخل من بابه
وأحسنُ الموت بأهل الهوى * من مات من فُـرقة أحبابه

 
log analyzer